اشترك ليصلك كل جديد

slide

‏إظهار الرسائل ذات التسميات قسم القصص الاسلاميه. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات قسم القصص الاسلاميه. إظهار كافة الرسائل

دعوة امى غيرت حياتى


في أحد مجالس الذكر عن فضائل بر الوالدين قال أحد الدعاة: حصلت هذه القصة معي ووالله ما أخبرت بها إلا من أجل الفائدة والاستفادة بين إخواني وأحبابي في هذا المجلس. 

يقول: في بداية طريقي للاستقامة كانت والدتي وفقها الله تقول لي دائماً \" يا ولدي كان تريد الله يرضى عليك اعفي لحيتك \" وكانت والدتي لها محبة كبيرة في قلبي وتأثرت بهذه الكلمة منها وأسأل الله أن يطيل عمرها على الطاعة فهي كبيرة في السن وتحفظ ثلاثة أجزاء وتدرس في تحفيظ القرآن الكريم في المسجد. قالت لي: دعها والله أنك جميل بهذه اللحية .

وفي أحد الأيام كانت أمي تشاهد قناة المجد العلمية في المنزل وكان أحد المشايخ يلقي محاضرة في المسجد وعدد كبير من الناس من حوله يستمعون إليه. 

قالت: يا ولدي الله يجعلني أراك تصبح مثله تحدث على الناس. 

فقلت لها: آمين. ادعي لي بالثبات يا أمي وأن أصبح مثله أو أحسن. قبلت رأس والدتي وذهبت إلى عملي. 

بعد أيام اتصل بي أحد الزملاء وقال: ما رأيك عندي مسجد صغير أريدك تتعلم الخطابة فيه وأغلب هذا المسجد من الجاليات الأجنبية ولا يجيدون اللغة العربية. 

قلت: لا أستطيع فعل ذلك. قال استعن بالله وخذ ورقة وسوف أساعدك. فقلت: أبشر. 

فرتب لي خطبة قصيرة وذهبت معه يوم الجمعة لأول مرة أخطب في حياتي، وبحمد لله عدت بسلام واستمريت على هذا الحال ثلاث سنوات أخطب بالأجانب وبعد عدة شهور اتصل بي إمام المسجد وقال لي: أنا سوف أسافر هذه الليلة وأريدك أن تخطب عني أو تبحث لي عن بديل للخطبة. 

فقلت: أبشر بإذن الله، ولأول مرة أخطب في حياتي أمام الجيران من أهل الحي والأصدقاء فصعدت المنبر ورددت السلام وإذا بالمسجد امتلأ تماماً بأكمله ثم جلست. 

ووالله إني تذكرت دعاء والدتي وأنا على المنبر أنظر إلى الناس وقد امتلأ المسجد إلى آخر الباب. 

وبعد شهرين تقريباً استأذنت من إمام المسجد أن ألقي دروس تربوية من الأحاديث النبوية في كل يوم سبت وثلاثاء بعد العصر في المسجد فوافق الإمام جزاه الله خيرا واستمريت على هذا الحال لمدة ثلاث سنوات بحمد الله. 

وأتممت حفظ كتاب الله بفضل الله عز وجل، وانطلقت في نشر الدعوة إلى الله بإلقاء الكلمات في المساجد، وهذا من فضل الله ثم بفضل دعاء والدتي. 

أقسم بالله لم أتوقع يوم من الأيام أن أصبح خطيباً أو داعية كما تروني بل سبحان الله أصبحت في المناسبات بين الأقارب ألقي لهم كلمات وأصبح الزملاء ينسقون معي لألقي لهم كلمات بمسجدهم . 

سبحان الله! انا أعرف نفسي والله كنت لا شيء لولا الله ثم دعاء والدتي.. 

ثم قال الداعية في المجلس: يا إخوان من أراد التوفيق والسعادة ورضى الله تعالى فعليه بعد طاعة الله ببر الوالدين. 

الفوائد من هذه القصة: 
1- دعاء الوالدة غير حياة هذا الشاب وأصبح داعية معلم الناس الخير. 
2- الاستمرار في الأعمال الصالحة.
3- بر الوالدين والحرص على رضاهم من أسباب التوفيق والسعادة ورضى الله عز وجل .
Ler Mais

الناس يستقبلون فاين الناصحون (2)


من روائع القصص الواقعية الاستفادة من تجارب الآخرين في حياتهم، واخترت في هذا الجانب القصص الواقعية في طريق الدعوة إلى الله، ويعلم الله الذي خلق السموات والأرض ما كتبتها لا رياء ولا سمعة ولا ثناء، ما كتبتها إلا من أجل الفائدة للجميع، وأسال الله الصدق والإخلاص معه في جميع أعمالنا . 

القصة الأولى: 

في يوم الأربعاء 14/4/1433هـ خرجت من منزلي الساعة 11 ليلاً ومعي أشرطة لتوزيعها للشباب في المخططات فوجدت سبعة شباب يرقصون على الأغاني فتوجهت إليهم ووقفت بجانبهم ورددت السلام عليهم فأطفئوا صوت الغناء وقالوا: تفضل يا شيخ. 

سلمت عليهم وقلت لهم :عندي أشرطة سأهديها لكم ولن أطيل عليكم. 

قالوا: والله نريدك أن تجلس معنا. 

جلست معهم وتحدثنا قليلاً، ثم ذكرت لهم مراقبة الله لنا والأعمال التي تقربنا من الله.. وبعد لحظات إذا بي أسمع بكاء من بجانبي فلم يتمالك نفسه ثم الذي عن يمني إذا به يمسح دموعه. 

شكرتهم على استقبالهم وودعتهم وقلت في نفسي أن الشباب في قلوبهم خير وينتظرون من يقف وينصحهم. 

القصة الثانية: 

في أحد الأيام ذهبت لأماكن تجمع الشباب فوقفت بجانب جلسة شبابية فاستأذنتهم بالجلوس فرحبوا بي وكان معي أشرطة دعوية لتوزيعها لهم، فألقيت كلمة مختصرة عن الجوارح أنها تشهد يوم القيامة بما نفعل بها إن كان خيراً وإن كان غير ذلك..

فوقف أحد الشباب وذهب إلى سيارته وأخرج علبة الدخان منها وأتلفها أمام زملائه في الجلسة وقال: والله أني أعلنها أمامكم لن أدخن من اليوم وأسال الله أن يتوب علي وجزاك الله خير. 

القصة الثالثة: 

خرجت مع صديقي للجلوس مع الشباب في المخططات العامة فوجدنا مجموعة شباب فوقفنا بجانبهم واستأذناهم بالجلوس معهم فرحبوا بنا وتكلمنا عن التوبة والسعادة، ثم وزعنا لهم أشرطة وأعطيناهم أرقامنا وسلمنا عليهم وذهبنا.. 

وفي طريقنا اتصل بصديقي رقم غريب وقال: أين أنتم نحن أصحاب الجلسة التي قبل قليل تعالوا نريدكم بموضوع، فرجعنا إليهم وسلمنا عليهم. 

قال أحدهم: يا شيخ عندي بسيارتي عود أغاني خذوه وكسروه، فأخرجه لنا وقمنا بتكسيره وسلمنا عليهم وشكرناهم وودعناهم . 

القصة الرابعة: 

قابلت رجل يدخن في السوبر ماركت فسلمت عليه وابتسمت له ودعوت الله له فشعرت أنه محرج من هذا العمل، فقال: يا شيخ تصدق إني كنت حافظ جزأين من القرآن ولكن تعرفت على رفقاء السوء فأصبحت معهم. 

فدعوت الله له أن يبعده عنهم ويتعرف على صحبة صالحة، فو الله بكى هذا الرجل وتأثرت منه وقال: أوعدك والله لن أدخن من اليوم. 

وبعد عدة شهور صليت بمسجد فسلم علي رجل ملتحي ويبتسم لي قال: عرفتني؟ قلت: ذكرني.. قال أنا الذي نصحته عن الدخان في السوبر أبشرك تركته من ذاك اليوم وعدت إلى الله. 

القصة الخامسة: 

في أثناء ذهابي إلى المنزل توقف الطريق من شدة زحام السيارت فمن حسن الحظ وقفت بجانبي سيارة بها شاب يدخن فابتسمت له وقلت له: قل آمين. قال: آمين. قلت: جعل والديك في الجنة.. ونصحته وودعته. 

وبعد قليل تحرك الطريق وعندما قربت من منزلي إذا بالشاب يلحق بي بسيارته فأوقفني فوقفت له: قال يا شيخ ممكن دقيقة؟. 

قلت تفضل: فركب بسيارتي وقال: أنا أعزف عود وأشرب دخان ولي علاقات مع البنات وكل شي في بالك فعلته طفشت من هذه الحياة..

فذكرت له فضل التوبة وأن الله يبدل السيئات إلى حسنات.. فو الله بعدها بحمد ربي تواصل معي ودخل في حلقة تحفيظ القرآن الكريم. 

القصة السادسة: 

اتصل بي صديقي وفقه الله وقال: هل تذهب معي لنصح الشباب بمحلات القهاوي والشيشة فقلت: أبشر بإذن الله وتقابلنا وذهبنا سوياً.. 

فوجدت شاب بمفرده عنده شيشة \" معسل \" فسلمت عليه وابتسمت له واستأذنته بالجلوس معه فرحب بي وتحدثنا سوياً ثم نصحته عن هذا الأمر وقال: والله أني طفشان ما أدري أين أذهب؟. 

قلت يا أخي أنا أتشرف بك ويسعدني أن تكون صديق لي وهذا رقم جوالي وأنا تحت أمرك.. 

فقال: بإذن الله أنها آخر مرة أدخل هذا المكان.. فبحمد ربي أصبح من أصدقائي ويراسلني ويقابلني وترك الشيشة بفضل الله. 

القصة السابعة: 

في أحد الجلسات الدعوية لشباب الأرصفة وجدت شاب يعزف العود بمفرده وعندما ذهبت إليه توقف عن العزف وقال: سامحني أنا آسف. 

سلمت عليه واستأذنته بالجلوس معه فرحب بي، وذكرت له أن السعادة التي نبحث عليها ليست بهذه الأمور السعادة الحقيقة بطاعة الله والقرب منه سبحانه وتعالى، قال: والله هذا العود ليس لي لصديقي وصديقي ذهب وسيأتي بعد قليل. 

فقلت له: هذا رقمي واعتبرني كأخيك لا تتردد بالاتصال. 

اتصل بي بعد ساعة وقال: أريد أن نتقابل غدا وأبشرك والله أخبرت صديقي الذي معي أنني تركت الغناء وتبت إلى الله .

قلت: الله أكبر، أبشر بإذن الله . فتقابلت معه اليوم الثاني ومعي بعض الزملاء ومعنا القهوة والشاهي فرحبنا به أجمل ترحيب.. فسعد بذلك اليوم ثم أرسل لي رسالة جوال في آخر الليل يقول أخبرت زوجتي أنني تركت عزف العود فو الله لا تعلم كم كانت سعادتها والله أنها سجدت سجود شكر لله وتبكي من شدة الفرح. 

القصة الثامنة: 

قابلت شاب بأحد المخططات ومعه عود يعزف به فعندما شاهدنا ومعي اثنين من الزملاء، وضع العود بسيارته فقال: يا مرحبا تفضلوا، كانت الابتسامة في وجه هذا الرجل لا تفارقه وكان أكبر منا سناً، فتحدثنا معه بما فتح الله علينا، ثم أعطيته رقم جوالي فسلمنا عليه وودعناه، وبعد عدة أشهر تقريباً أتتني رسالة على جوالي: يقول أبشرك أني كسرت العود أنا وزوجتي وابنتي في نفس المخطط الذي قابلتني فيه ووالله إن زوجتي تدعو لك وأصدقاءك بكل خير. 

ثم اتصلت به وأخبرني بقصته وترك رفقاء السوء وأغلق جواله ثلاثة أشهر وأعفى لحيته وقصر ثوبه والآن بفضل الله إمام المسجد في عمله ورجل مجتهد في الدعوة إلى الله ويذهب إلى قريته في شهر رمضان ليصلي بجماعته التراويح وتاب على يديه أكثر من شخص، وأصبح من الدعاة إلى الله أحسبه كذلك ولا أزكيه على الله. 

وقفات مع هذه القصص : تذكر: أن التوفيق والسداد من الله عز وجل فاحمد الله على كل فعل و قول تفعله ولا تغتر بنفسك . 

تذكر الأجر الذي تحصل عليه من خلال دعوتك - يقول الرسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا) .رواه مسلم. 

تذكرثناء الله عز وجل عليك يقول الله تعالى: (( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ). [سورة آل عمران: 110 ].

تذكر: أن الله وملائكته يستغفرن لك : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرض حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير ) . رواه الترمذي. ومعنى يصلون: أي يستغفرون . 

وقفة : أخي الغالي جرب النصيحة بالقول الحسن والتعامل الطيب فو الله ستجد القبول بإذن الله، ليكن لك دور في الحياة في نفع الناس وخدمتهم ونقل الخير إليهم، فالناس فيها خير كبير. أسأل الله عز وجل أن يجعلني وإياكم مفاتيح للخير مغاليق للشر .
Ler Mais

الناس يستقبلون فاين الناصحون (1)



ما أجمل أن تكون الأعمال خالصة لوجه الله تعالى وما أجمل أن ننقل الخير للغير من القصص التي تمر علينا في حياتنا لكي يستفيد منها الناس وتنقل الأفكار ليعم الخير للجميع .

بدايةَ\" أقسم بالله العظيم إنني ترددت في طرح هذه القصص ولكن قلت عسى الله أن ينتفع بهذه القصص كل من قرأها أو نقلها للفائدة .. 

القصة الأولى: أذكر إنني أتيت سوبر ماركت في الحي الذي أسكن فيه يبيع الدخان وهي تعد من أكبر التموينات بهذا الحي فنصحت المحاسب وقال لي : عمي يريد ذلك .

فقلت له : لو تكرمت أريد رقم مدير السوبر لأتواصل معه .

فأعطاني رقمه ثم اتصلت به وسلمت عليه ونصحته , فقال : أبشر إن شاء الله .

وبعد فتره أتيت إلى السوبر ومازالوا يبيعون الدخان فنصحت المحاسب , فقال : يا أحمد إذا ما عندك شي الليلة نذهب سوياً للمستودع الذي فيه مدير السوبر فرحبت بذلك وكان ذلك يوم الأربعاء , فذهبنا بعد المغرب وصلينا العشاء بالقرب من المستودع ثم دخلت على المدير بعد الإذن منه بمكتبه الخاص وسلمت عليه وعرفته بنفسي ثم دار الحديث بيننا فنصحته في شأن بيع الدخان .

فقال لي : أبشر لكن أريدك أن تتناول وجبة العشاء عندي الليلة بالمنزل .

فقلت له : والله إني مرتبط مع الأهل لكن اعتبرني تعشيت عندك إذا قبلت طلبي في ترك بيع الدخان .

فقال لي : أوعدك بذلك وخذ كلمة رجل من يوم السبت لا تجده بالسوبر.

وبالفعل بحمد ربي تركوا بيع الدخان وكتبوا لوحه كبيره خلف المحاسب (فضلاً نحن لا نبيع الدخان) . 

القصة الثانية: في أحد الأيام طبعت مقال من موقع ياله من دين-وفقهم الله- بعنوان(رسالة إلى صاحب التسجيلات الفنية) 10 نسخ وذهبت أنا واثنين من الزملاء إلى 10 محلات تسجيلات أغاني عندنا بمدينة جدة وكل محل نعطيه هذا المقال بظرف شكله جميل وشريط إسلامي بداخله وندعو الله لهم بالهداية , الشاهد أقسم بالله العظيم بفضل الله أحد المحلات استجاب وأغلق محله وكتب عليه المحل للتقبيل .

القصة الثالثة: دخلت بقاله تبيع دخان ثم نصحت العامل وطلبت منه رقم صاحب المحل فأعطاني رقمه ثم اتصلت به وسلمت عليه ونصحته بأسلوب حسن فقال أبشر إن شاء الله، بعد تقريباً شهرين اتصلت به وسلمت عليه وقلت له عرفتني ؟ 

فقال : نعم .

فقلت : بشر إن شاء الله تركتم بيع الدخان .

قال : والله إني وقفته من ذاك اليوم وأبشرك إني قبلته وفتح الله علي و اشتريت محل أكبر سوبر ماركت ووالله العظيم إن اتصالك كان له تأثير كبير لي ومحلي الجديد لا أبيع فيه دخان من فضل الله ثم اتصالك . 

القصة الرابعة: كنت في زيارة لأحد الأقارب بالمستشفى وأنا داخل وجدت رجل كبير يشرب الدخان فابتسمت له وسلمت عليه وقلت له تسمح لي بسؤال يا والد ؟

قال : تفضل .

قلت له : هل الله يستأهل أن نعصيه ؟

قال : لا والله ما يستأهل يا ولدي.

قلت : يا والد والله إني احبك في الله وما نصحتك في شرب الدخان إلا أريد لك الخير .

قال : أدري والله , ثم قال أعاهد الله في هذا اليوم أن لا يدخل الدخان في فمي ثم كسر بكت الدخان أمامي ووضعه تحته , وقال عسى الله أن يتوب علي ثم سلمت عليه ووادعته. 

القصة الخامسة: ذهبت مع أحد الزملاء لكي نلقي كلمات ونوزع أشرطه للشباب الذين يجلسون في المخططات على الأرصفة فجلسنا مع أحد الشباب وكان معه عود ويغني ثم بعد ما رآنا وضعه في السيارة خجلاً منا , فستأذناه بالجلوس معه فرحب بنا ثم ذكرنا له فضل التوبة والرجوع إلى الله والسعادة الحقيقية فقال لنا : والله العظيم إن حضوركم فيه خير تصدق إني قبل أسبوع طلبت من أحد الشباب يشتري لي عود جديد والآن أعلنها توبة و أوعدكم إني سأكسر العود هذه الليلة وسوف أتصل بصديقي وأخبره أن لا يشتري لي العود وإني تركت هذا الحرام لأجل رضا ربي علي وأن يرحمني برحمته ويدخلني في جنته . 

القصة السادسة: أحد الشباب قابلته في أحد المخططات وهو رافع صوت الأغاني فدعونا الله عز وجل له بالهداية ثم في طريقي أنا وزميلي إلى البيت لحقنا هذا الشاب بسيارته وأوقفنا وأخذ رقم جوالي وبعد شهر تقريباً أرسل لي رسالة على الجوال بعد صلاة الفجر يقول فيها : والله أني أفكر في الانتحار أرجو أن تقف معي أو تشوف حل في وضعي , ثم اتصلت به قال : أنا في ضيق ما يعلم به غير الله كل مايدور في راسك جربته من دخان من مخدرات من بنات من معاكسات من سفريات والله ما شعرت بالسعادة بل يزداد الضيق والطفش في قلبي وكل شي متوفر لدي.

فقلت له : دعنا نتقابل فتواعدنا وقابلته ومعي أحد الزملاء فجلسنا معه في المسجد وذكرناه بفضل التوبة وطريق السعادة بالرجوع إلى الله فماذا جرى بحاله في هذه الليلة ؟ 

ذهب إلى مكة وأخذ عمره من تلك الليلة يقول أقسمت بالله في الحرم أمام الكعبة أن لا أعود لهذه الأمور وأن أفتح صفحه جديدة في حياتي وكأني مولود جديد وأنا تائب إلى الله عز وجل .

وأبشركم وهو الآن يدعو إلى الله في ذالك المخطط الذي قابلته فيه ويوزع أشرطه و مطويات وتغير حاله وأعفى لحيته وقصر ثوبه وسبحان من يغير الحال من حال إلى حال . 

الفوائد من هذه القصص :

1- الناس فيها خير ولكن تحتاج من يذكرهم ويعينهم على طريق الخير.

2- التواصل مع أصحاب المحلات التي فيها منكر والاتصال بهم بالأسلوب الحسن والكلام الطيب.

3- الدعاء لمن وجت لديه منكر أن يهديه الله إلى الإقلاع عن ذلك المنكر.

4- أحمد الله دوماً وأبداً على نعم الله عليك وتذكر أن الله تواب رحيم وغفور شكور .

5- اجعل لك بصمة في هذه الحياة وتذكر فضل الدعوة إلى الله وأنها سنة الأنبياء والصالحين .
Ler Mais

السرير الابيض وقصة حافظ لكتاب الله



ان اللون الأبيض على جماله وحلاوته وشفافيته لهو أبغض الألوان في عيني إذا رأيته على السرير .
حتى يصبح أسْوَدَ في عيني من السواد وأشد قتاما من ظلام الليل .

أكره كل ما يذكرني به أو يدعوني إليه، أتحاشى أن أُدعى إليه محمولا أو زائرا ما استطعت إلى ذلك سبيلا ، لأنه على لُطفِه مدفنة للأحياء وأَذانٌ للقبور .
تِلكم النظرة لا تغيب عن عقلي وفكري مهما تباعدت عن أسبابها ..

وكم هو شديد على القلب وأليم على العين أن ترى قريبك أو حبيبك أو من لا تحب رؤيته عليه وقد استلقى على ظهره مسلما روحه إلى ربه بين مشارط الأطباء ومقصات الممرضين .

زوَّرت في نفسي أني زائره لا محالة طوعا أو كرها على مشيئة مني أو إباء ، ولكن متى تكون تلك الساعة العصيبة وذلك الموقف العصيب .

وما كاد يذهب صباح ذلك اليوم ويدخل المساء في أوائله إذ بي أشاهد بكاء هذا الطالب وهو عاض على نواجذه من شدة الألم يتسارع الدمع انحدارا من عينه الضعيفة ليكفكف بيده الصغيرة السيل مندفع .

شِحت بوجهي عنه لانشغالي بأمر مُلِمٍ ظانا أن المسألة سن يؤلم أو طاحونة مُسوِّسة تذهب بعد ساعة أو ساعتين .

وما كادت عقارب الساعة تطوف حول نفسها حتى علمت سبب ألمه وإذا به قد سقط على فكه ولا يستطيع إطباقه فترائى ذلك المشهد أمامي :
سرير أبيض ممتد على طوله وعليه هذا الطالب بجسده الضعيف وقُواه النحيلة .

فاستعذت بالله وقلت إنها بعيدة، وماهو إلا دلع الطفولة !
ثم جائني الخبر الآخر الذي يقول : إن الطالب قد كُسر فكه ولا بد له من جبيرة !
فكان على السمعي كالواقعة .

جاء السرير الأبيض مهرولا ليقف أمامي قائلا :
كل ابن أنثى وإن طالت سلامته يوما على آلة بيضاء محمول !!

فقلت له : وإن كان صغيرا وحافظا للكتاب .
قال : إنا لا نعرف هذا التفريق فالخلق عندنا سواء "وأشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل" .
قلت : فكيف سيقرأ غدا ورده من القرءان وكيف سيذهب إلى طلب العلم عند شيخه، وهل سيترك الحديث النبوي حينا من الدهر ؟ .

يالله ما ذا لو حدث له مثل ذلك لا قدر الله، فإنا نؤمل به خيرا ونظن به الظن الحسن، ونرجو أن يكون للدين منارا وللحق صوتا .

وما حال أمه وهو بكر أولادها وكبيرهم وله في قلبها أكبر الحظ والنصيب .
فقال لي : الله به أعلم وأحلم وفي ءاية البقرة سلوى للمصاب .
فقلت : إنا لله وإنا إليه راجعون .

لم يحلو لي زيارته حينها لأني لا أريد رؤيته على ذلك السرير، بل لم أرد سماع خبره، لأني لا أحب أن يكون إلا بخير .
ولكن الله يسوقنا إلى قدره سوقا !!
فخرجت مع والده لزيارة أحد الخِلان ولما انصرفنا سلك والدُه غير طريق البيت وذهب بعيدا .
فقلت : لا شك إنا ذاهبون إلى ذلك السرير، لنرى ذلك الحافظ مضجعا عليه !!
وكلما اقتربنا من المشفى ابتعد قلبي عني ليذهب مَولِّيا خشية أن يُصدع فيتمزق شر ممزق .
اقتربنا من المشفى وكأنه سجن يكتم الأنفاس ويحبس الأخبار .
إنه سجن ولكنه اختياري، أو سجن لا بد منه، لا يعرف كبيرا ولا صغيرا ولا أميرا ولا مأمورا ولا ذكرا ولا أنثى ولا صالحا ولا طالحا .

ترجلنا من السيارة وسارعنا الخطى وأنا مرتجف القلب مكسور الخاطر مَوْجُوع الفؤاد لأني سأرى عَجبا عُجابا وحالا يرثى لها، وداع إلى البكاء !
دخلناه ومع أنه مُكيف، وهواءهُ معتدل إلا أنه لم يشعرنا بالأمن فهو مأوى المصابين والمكلومين !
حاولت إغضاء بصري كي لا أرى حزينا، وتمنيت أن لا سمع شكوى ولا نجوى فإن بثي وحزني عظيم .

سارعت بين الغرف حتى وصلت إلى أخي فرأيت ما يحزنني ويفرحني ، حزنت على مُصابه، وفرحت على تجمع أحبابه من حوله، فزملاء التحفيظ حوله يسامرونه وشيخهم قائم على رأسه يواسيه ويسليه وكأنه يعلمه دروسا في الحياة لم تُخط في كتاب ولم تسطر في جواب بل هي مما يتوارثه الأفاضل عن الأفاضل .

غبطته على محبة الناس له وإجلال شيوخه له، ولا زلت أرى الأسف بين عيني شيخه الآخر حين أخبر بمصابه وأنه لن يأتي إلى حين، فقد علِم أنه سيفقد عزيزا على الحلقة ومبرزا بين التلاميذ .

ولما صار والد الطالب عند رأسه كلمه إلا أنه لا يستطيع جوابه من الألم .
وكان برفقته فضلاء فرَقَوْه وعوَّذوه من كل شر وتلوا عليه ءايات من الكتاب .. فأغمضت عينه لتلاوة القرءان فهتنت عيني بالدمع رحمة به ورأفة وتماسكت حتى لا أجعل جوهم حزينا كئيبا .
وبعد انتهاء الزيارة أفلنا إلى بيوتنا داعين له، ثم تحسن قليلا بفضل الله، وما هي إلا أيام حتى يخرج معافى من كل سوء بإذن الله .

ولم يكن قصدي إخباركم بنبأ يخص هذا الطالب ولكن أردت أن نعتبر ونتعظ ونشعر بغيرنا ..
فمن ذا الذي يأمن على نفسه أن يصاب بسوء أو يسام بمكروه ؟! لا أحد
فعلينا بالتعويذ والأذكار فإنها حصن حصين لنا ولأبنائنا .

وإني لأعجب من الذي يسعى إلى حتفه بأنفه ويقتل نفسه بيده من المدخنين أو المتعاطين للمخدرات أو الذين يركبون الخطر ركوبا أثناء قيادتهم للسيارات وغيرهم كثير ، فوالله إن الدنيا كلها لا تساوي ساعة حزن وهم .

ثانيا: علينا أن نشكر الله ونحمده على العافية ، فإنها نعمة تستوجب الشكر والحمد ( وقليل من عبادي الشكور ) .

ثالثا : إن إخواننا المصابين لهم علينا حق بالدعاء والزيارة وبث الأمل في صدورهم حتى يهنئوا بما بقي من العيش فلا تنسوهم قال النبي صلى الله عليه وسلم : " حق المسلم على المسلم خمس .. ومنها وإذا مرض فعُده " .
والله يغفر لنا التقصير ويجبر المصاب ويعفو عن السيئات والحمد لله رب العالمين .
Ler Mais

قصة معبرة: برازيلي يُسلم





في مصلى صغير ، يقع على أطراف مدينة مونتريال الكندية .. يُدعى مصلى إبراهيم .. يجلس ذلك الشيخ الباكستاني الوقور بكل سمت .. ما بين تدريس للقرآن و دعوة و عبادة .. رثّ الثياب .. كثيف اللحية .. سمحٌ ، متواضع .. و ابتسامةٌ لا تفارقه .. قد بلغ من العمر عتياً .. هذا المصلى هو بيته و مدرسته و مصلاه ..


ترددت على هذا المصلى كثيراً فما رأيتُ منه إلا حسنَ خلق .. و ما سألني قطُ حاجةً و إن كانت آثار الحاجة تبدو على هيئته و محياه ..

يدفعني الفضول كلما دخلت هذا المصلى و أنا أرى فراشه مسنود على الجدار الخلفي ، و مكان الوضوء هو حمامه الشخصي و مطبخه ، أن اسأله عن سره .. لكني فضلت السكوت حتى لا أكدر خاطري بهموم الآخرين و احتياجاتهم ..!

لكن ربي أراد أن يعلمني درساً في التضحيةِ لدينه ...

صليت يوماً في هذا المصلى و إذ بي أرى هذا الشيخ الباكستاني يهم بالخروج مع رجلٍ آخر ذو بشرة بيضاء .. و عندما انتهيت من صلاتي و اتجهت لسيارتي ، إذ بسيارتهم تقف بجانب سيارتي .. سلمتُ عليهم ، فردوا السلام بكل بشاشةٍ ، ثم ناداني هذا الشيخ الباكستاني لأن أسلّم على هذا الأخ البرازيلي ، فهو للتو قد دخل في الاسلام .. سلمت عليه بكل حرارةٍ و هنأته ، و في رأسي ألف سؤال و سؤال عن كيفية إسلامه .. تحمس الأخ البرازيلي كثيراً لمّا علم أني من بلاد الحرمين ، فتعلق بي و طلب رقم هاتفي .. و أخبرته أني سأبحث له عن نسخةٍ من القرآن الكريم بلغته البرتغالية ..
همتي الضعيفة
مرّت خمسة أيامٍ و إذا بالأخ البرازيلي يتصل بي و يسألني عن النسخة المترجمة للقرآن الكريم ، و يطلب لقائي .. تكاسل بي الشيطان بعدها عشرة أيامٍ ، ثم ذهبت للقائه في ذات المصلى .. دخلت و إذا بي أرى الشيخ و صاحبه البرازيلي بانتظاري .. سلمت عليه بكل حرارةٍ لما رأيت آثار السعادة على وجهه بعد إسلامه .. جلسنا نتحدث قليلاً حتى حان موعد صلاة المغرب .. قدمني الشيخ الباكستاني لأصلي بهم ، فأنا العربي ابن بلاد الحرمين و حفيد الصحابة في نظرهم .. و ليتنا حملنا هذه الأمانة على حجمها .. كبرت للصلاة ، و بدأت قراءة الفاتحة ، و إذا بالبرازيلي يبكي و ينتحب .. ثم ظل كذلك طوال الصلاة ..

لما فرغت من الصلاة ، رجعت للخلف .. و كنت بانتظاره أن يهدأ قليلاً فاطمئن عليه .. فإذا بالشيخ الباكستاني يقترب مني و يهمس في أذني ، "هذه حاله في كل صلاة منذ أن أسلم" ...

جلس الأخ البرازيلي بجانبي بعد أن هدأت نفسه ، و قال إني أرى صورة كلما كبرت للصلاة .. و هذه الصورة مربوطةً بحلم حلمت فيه بعد أسبوع من إسلامي .. رأيت في منامي الملك عبدالله يلتفت إلي و أنا خلفه و يقول: عبدالعزيز تعال و تقدم ، ثم لما تقدمت إليه , قال تعال إلى هنا و أشار على الحرم المكي .. فكلما كبرت في صلاتي بعدها ، رأيت صورة الحرم المكي ماثلةً أمامي ...

تعجبت من رؤياه ، فالناس هنا لا تعرف السعودية ، فكيف بملكها .. فلما سألته عن ذلك ، اتضح لي مدى ثقافته و علمه بالسياسة ، بالإضافة إلى عمله في التصدير و الاستيراد .. كما أنه يتقن الانجليزية و الفرنسية و البرتغالية و الاسبانية ..

سألته عن ماضيه ، فقال لي أنه نشأ في بيئة نصرانيةٍ حتى الثامنة عشر من عمره .. ثم تحول إلى البوذية و انتقل من البرازيل إلى كندا .. و أمضت البوذية هي ديانته أكثر من عشر سنوات ، حتى اقتنع ببطلانها و قصورها .. و أمضى بقية أيامه حائراً بلا دين ، حتى أتى اليوم الذي أشرقت فيه روحه بإسلامه ..!
و هنا وصلت للسؤال الأهم في خاطري ، كيف أسلمت ؟ أجذبك منظر هذا الشيخ الرّث ، أم فقره ، أم هيئته ؟!!


كيف أسلم عبدالعزيز البرازيلي ؟

استطرد الأخ البرازيلي في قصة إسلامه , فقال:

"كنت أرقد في المستشفى لمدة شهرٍ بسبب الحمى , و لما بدأت بالتحسن طلبت من الدكتور أن يسمح لي بالخروج في الصباح لبعض المشاوير المهمة , ثم أعود إلى المستشفى وقت الظهيرة .. لم تكن سيارتي معي , و لم أجد الباص في موقفه , فكرهت الانتظار أكثر .. فأخذت سيارة تاكسي إلى البنك القريب من المستشفى .. و لمّا وصلت إلى البنك , طلبت من سائق التاكسي انتظاري لأني سأسدد فاتورتي فقط , و أكمل معه مشواري لأموري الأخرى .. لما فتحت باب البنك لأدخل , إذا بشيخٍ مبتسمٍ يهمّ بالخروج من البنك .. طلبت منه التقدم و الخروج قبلي , فازداد تبسمه و خرج ثم صافحني شاكراً .. أحسست بالراحة كثيراً لابتسامته رغم هموم الدنيا القاتلة .. عرّفني باسمه و دولته , فعرّفته باسمي و دولتي .. ثم أخرج كرته الشخصي و أعطاني إياه , و سألني إن كنت أملك كرتاً شخصياً ليقوم بالتواصل معي .. تفاجأت من بساطته , فأخبرته أني بالمستشفى حالياً لذلك قد لا يتسنى له مقابلتي في الفترة الحالية .. فسألني عن اسم المستشفى الذي أرقد فيه ليقوم بزيارتي هناك .. هنا تفاجأت كثيراً !! كيف تزورني .. فأنا لا أعرفك ..! شعرت بالخوفِ و الراحةِ في نفس اللحظة .. فزيارة شخصٍ للتو قد عرفت اسمه لي قد تكون غريبةً و مبهمة .. لكن لا يظهر من شكله سوى البساطة و الأريحية .. كما أن لي شهراً في المستشفى , لم يقم أحد قط بزيارتي من أقربائي و أصدقائي ..!

عندما انتهيت من أعمالي , كانت الساعة الثالثة ظهراً .. اتجهت إلى العنوان الموجود على الكرت لأقابل هذه الشيخ البسوم فلم أجده .. ثم عُدت إلى المستشفى .. أخبروني في المستشفى بأن شخصاً أتى لزيارتي فلم يجدني .. و في السابعة مساءاً , أخبرني الطبيب بأني استطيع مغادرة المستشفى فحالتي الصحية جيدة و الحمى قد غادرتني .. هممت بجمع حقائبي و قمت بسحبها في أسياب المستشفى متجهاً إلى البوابة الرئيسية بحثاً عن تاكسي ينقلني , و إذا بالشيخ الباكستاني يقابلني آتياُ لزيارتي مرة أخرى .. سألني إلى أين ستذهب , فأخبرته بأنهم قد كتبوا لي بالخروج .. فقال لي هل لك من مكانٍ تريد أن أوصلك إليه , أم نذهب و نرتاح في المسجد .. لا أعرف ما هو المسجد , لكني وافقت لأني كنت أريد أن أذهب مع هذا الرجل الحنون الخلوق لأتعرف عليه أكثر ..

ذهبنا إلى المسجد و دخلنا .. طلب مني أن أخلع حذائي و أضعه في المكان المخصص .. أشار إلي ببعض اللوحات الإرشادية لأقرأها .. ثم سألني هل أنت جائع ؟ أجبته بنعم .. فدخل إلى مطبخه و قام بتحضير الطعام ..

المسجد كان عبارة عن غرفة متوسطة الحجم , فيها فرش مخطط متجه على زاوية محددة , و فيها مكتبةٌ صغيرةٌ , و عدد من اللوحات التعليمية عن دين الإسلام و الصلاة و الوضوء و غيرها .. منذ دخولي لهذه الغرفة رغم تواضع أثاثها و غرابتها بالنسبة لي , إلا أني أحسست بالراحة .. قمت بحكم حبّ الإستطلاع المزروع في دمي بقراءة اللوحات بدايةً من أولها عند مدخل المسجد , و لم أنتبه إلا و الطعام محضّر أمامي .. جلست و تناولت طعام العشاء مع هذا الشيخ الذي يبتسم أكثر مما يتحدث .. ثم بعد أن فرغنا , قال لي هذه المكتبة فيها كتب كثيرة إن أحببت أن تقرأ شيئاً , ثم قام يصلي .. قمت و أكملت جولة استطلاعي و أنا استرق النظر إليه , و وصلت إلى آخر لوحةٍ كانت تتكلم عن ملخص دين الإسلام في 40 نقطة .. قرأت هذه اللوحة 3 مرات , و انشرح صدري لهذا الدين العظيم المتكامل , فقررت بعدها أن أسلم .."

أما أنا فكنت استرق النظر إلى هذا الشيخ الرّث الفقير , و أقول: ما أعظمك عند ربك , و ما أحقرنا بجانبك .. لبسنا أحسن الثياب , و تهندمنا بكل ما نستطيع , و ما كتب الله لنا أن يُسلم على أيدينا رجلُ واحد !.. هي العلة في القلب لا في المظهر .. هي العلة في الهمة العالية , لا في محبة الدنيا الفانية ..
كم أسلم على يدّ الشيخ الباكستاني ؟
لم أستطع الصبر أكثر , و التفت إلى هذا الشيخ الباكستاني لأسأله .. كم أسلم على يدك يا شيخ ؟ فأطرق رأسه و قال: "كنت دوماً أدعو ربي أن يجعلني سبباً في هداية الآخرين , فحقق الله مناي .. وصلت في عدّي المئة , ثم توقفت بعدها عن العدّ .."

الله أكبر .. لا تستطيع أن تحصي عدد من أسلم على يدك من كثرتهم , و أنت فقير لا تملك المال .. و نحن بالمال و العلم و المكانة الاجتماعية , و ما أسلم على أيدينا شخصٌ واحد ..! هو الميزان ميزان الأعمال الصالحة و الدعوات الخفية , لا ميزان الأشكال الخاوية الجوفاء .. اللهم أكرمني بإسلام شخصٍ واحدٍ على الأقل على يدي يا سميع الدعاء ..
المسجد أهم من المنزل
لم يتوقف العجب عند هذا , فهذا المصلى قد استأجره الشيخ الباكستاني منذ 8 سنوات من ماله ليكون مسكناً له و مصلى للمسلمين .. زهد بمسكن خاص يؤيه , ليوفر للمسلمين مصلى يُصلون فيه .. يا الله , ما أعظمك .. كيف وضعت القناعة و الزهد في قلبه , و حرمت قلوباً أخرى تغوص في ألوان الترف من التلذذ بنعيم القناعة و الصدقة و التضحية لدين الله ..
يا الله , ما أعظمك .. كيف سخرت لهذا الشيخ الباكستاني الفقير أن يضع الدنيا في يده و يزهد بها , و بلوت قلوباً أخرى بالتعلق بالدنيا إلى أقصى درجاتها نوماً و يقظة , ضحىً و عشية ...
Ler Mais

زارع الامل


بملامحه التي ظهرت عليها أمارات اليأس والإحباط، توجه الشاب الضرير "أمجد" إلى قطار الدرجة الثانية بصحبة أخيه، والذي أجلسه في مقعد خال متستعينًا بمصباح هاتفه، حيث ساد القطار المتهالك ظلام سائد، ثم ودعه وانصرف.
وحتمًا لم يدر أمجد بأنه يجلس بجانب رجل يبدو من هيئته بأنه قد تجاوز عقده الخامس، يجلس في مقعده وابتسامة عذبة قد ارتسمت على محياه، حال الظلام والعمى بين أمجد وبين رؤيتها.
جرس الهاتف يدق، فيخرج أمجد هاتفه من جيب معطفه، وظهر أن المتصل هو والده، والذي حادثه قليلًا، ثم رد عليه أمجد:
لا تقلق يا والدي فابن عمي سينتظرني كما تعرف في محطة بني سويف.
لا تخف، وضحك ضحكة متهالكة ساخرة قائلًا: حتى إن حدث لي مكروه، فلن يضر العالم وجودي من عدمه، أنا أعيش كالحيوانات أتناول طعامي وأخرجه، وأنام لا أختلف عن السرير الذي أنام عليه.
كيف لا أقول ذلك الكلام يا أبي؟ أليست هذه حقيقة؟ إنني أتمنى الموت في كل دقيقة.
حسنا يا أبي، سأتصل بك بمجرد وصولي.
انتهت المكالمة الهاتفية، فإذا بيد حانية تأخذ طريقها إلى كتف أمجد، تبعتها كلمات ذلك الشيخ الذي يجلس بجواره؟
لماذا كل هذا القدر من التشاؤم يا ولدي؟ الحياة جميلة، أجمل مما تعتقد.
أمجد وهو يكبت ضيقه: جميلة؟ وما الجميل فيها يا والدي؟
الشيخ: أنك موجود فيها. أثارت الكلمة انتباه أمجد، فرد باهتمام: كيف؟
الشيخ: لأنها من أجلك، هكذا خلقت، من أجلك أنت كانت الشمس والنجوم والشجر والبحار والأنهار، لأنك خليفة في الأرض.
أمجد: قل هذا الكلام لمن يرون الحياة، ويشاهدون ما تتحدث عنه، الذين يشاهدون جمال الطبيعة كما تشاهدها أنت تمامًا، و...
قاطعه الشيخ: لكن تلك المشاهد حية في كيانك، في حسك، فقط دع عنك اليأس والإحباط، سترى جمال الحياة كما أراها، سترى مشهد الغروب عندما تعانق الشمس صفحة المياه وتغيب في أحضانها.
بدا أمجد مشدوهًا من تلك العبارات التي بدت وكأن صاحبها يرسم بها لوحة شعرية، لكنه تابع الإنصات والشيخ يستطرد:
سترى مع تفتح الزهرة أمل جديد في الحياة، سترى سريان ماء النيل ينتقل بك بين القرون السابقة واللاحقة في نهر الزمن، قاطعه أمجد باهتمام: سيدي هل أنت شاعر؟
ابتسم الشيخ ابتسامة عريضة مجيبًا: لا يا ولدي، ولكنني أرى جمال الحياة، وحطم جمالها كل ذرة يأس قد يدب إلى نفسي.
أمجد: ليتني كنت متفائلًا مثلك، ولكن كما يقال: يدك في المياه، ويدي في النار، ولن تشعر بمرارتي.
الشيخ: يا ولدي إن كان الله قد أخذ بصرك فلم يحرمك من البصيرة، وإن كان قد سلب منك نعمة فقد أنعم عليك بما لا تحصيه عددًا، لماذا تنظر إلى ما أُخذ منك، ولا تنظر إلى ما أعطيت، لا تستصغر نفسك وتحتقرها على حالها، وانظر إلى ما ذخر به العالم ممن سلبوا نعمة البصر وصاروا فخرًا لأن يذكرهم التاريخ، لماذا ترى نفسك أقل من هؤلاء؟
أمجد: أتعرف، إنني لم يسبق لي أن حدثني أحدهم بهذا الشكل، كلامك أجد له أثرًا عميقًا في نفسي.
الشيخ: إذا، فلتطوي صفحات الماضي، واعتبر هذه اللحظات بداية حياتك، وولادتك الجديدة، وعاهدني على أن تستثمر كل موهبة وطاقة لديك، في أن تسير إلى الأمام.
تهلل وجه الشاب وهو يقول: لقد فجرت في نفسي مشاعر كنت أظن أنها ماتت، إنني أشعر الآن بقوة لم أعهدها، وأرجوك، كن على صلة بي دائمًا، وتفقد أحوالي، أنا أحتاج لمثل هذه الروح التي بعثت فيَّ الأمل من جديد.
ربت الشيخ على كتف الشاب في حنان وهو يقول: إنك لست بحاجة إلى، فأنا على يقين من أنه قد ولد فيك العزم من جديد، سأنزل في المحطة القادمة، في رعاية الله يا ولدي.
وفي سرعة سأله أمجد: هل كنت في عمل؟
أجاب مبتسمًا: نعم، عمل يومي، أستقل القطار يوميًا من الجيزة التي أقيم فيها إلى بنها، وأعود في أول قطار.
تعجب الشاب، وقال: لماذا؟
اتسعت ابتسامة الشيخ وهو يقول: أزرع الأمل في قلوب مات فيها الأمل.
قالها وهو ينهض حيث توقف القطار في محطة الجيزة، وودعه: في رعاية الله يا ولدي، في رعاية الله، فأجاب الشاب ممتنًا: في أمان الله يا زارع الأمل، ولكنه سرعان ما اتسعت حدقتاه دهشة، إذ سمع صوتًا مألوفًا لديه من قِبل الشيخ، صوت عصا طويلة رفيعة يملك أمجد أختها يتحسس بها الأعمى الطريق.
Ler Mais

دمـعةٌ على ( مـريم )! - قصةٌ فيها الحزنُ والعظة


بسم الله والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم نلقاه.
وبعد.
إخوتي الأفاضل هذه قصة سطرها صديق لي، وطلب مني أن أذيعها للناس رجاء العظة والعبرة، أسأل الله بها النفع والقبول. 

دمعة على مريم!
هذه الحادثة فيها الشجن والحزن، وفيها الألم والأمل، وفيها الخطيئة والتوبة، والخاتمة السيئة والحسنة، سطرتها راجيا أن تكون عبرة لأولي الأبصار .
تبدأ القصة بفتيات ثلاث جمعهن اللهو واللعب وفراغ الوقت والبال، فتعاقدن وتعاهدن أن يوقِعوا في حبال صيدهن الشبابَ الصالحين، وذلك بعد أن ملّوا العبث بغيرهم ممن يسعى خلفهم ويلهث؛ ولمَّا رأوا صرامة الشاب الملتزم وعفافه .. زاد ذلك رغبة فيهن أن ينصبن له الشباك .. 

كانت كبيرتهن تسمى (نائلة) وثانيتهن (مريم). 

ما إن تخرجوا من الثانوية، ودخلوا في الجامعة؛ حتى زاد إغرائُهن وزادت فتنتهن، فقد كنّ مضرب المثل في الجمال والدلال، والشيطان يستشرف للمرأة إذا خرجت، ويزينُها ويجمِّلُها فكيف إن كانت كذلك في أصل خلقتها، بل كانت إحداهن إن مشت في الشارع تتطاير لها القلوب والأبصار، وتفوح منهن رائحة العطر التي تخرق الصدور قبل الأنوف.
لم يكن ليفعلن الفاحشة – عياذا بالله-، وإنما شأنهن شأن كثير من فتيات المسلمين حبُّ العبث واللعب وملئ الوقت، وذلك أن النفس عندما تفرُغ من مهمات الأمور، وتغفَل عن ما خلقت من أجله تَتْــبع هواها وتعبده.
أرأيت من اتخذ إلهه هواه ؟ّ! أرأيت إن متعناهم سنين ثم جاءهم ما كانوا يوعدون؟ 

هؤلاء الفتيات الثلاث وإن كن ثلاثا إلا أن (نائلة) كانت تُدبّر أمر غيرهن من الفتيات، ولكن قصتنا مع اثنتين نائلة ومريم .
كان في جوارهن شاب ملتزم يدعى (خالدا)كان له دكان يبيع فيها ما يحتاج المرء في حياته من غذاء وغيره ..
كان هذا الشاب حافظا للقرآن تاليا له، محافظا على الصلوات، طائعا لله، خدوما للناس، يحب الخير وأهله ويسعى وراءه، شاب نشأ في طاعة الله، نحسبُهُ كذلك ولا نزكّيه على الله.
دخلْنَ عليه وهو يبيع ويشتري، وما إن انفردن به حتى لعب الشيطان ألعوبته فيهن ، وزين لهن عملهن " أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا " كان هذا الشاب أعزبا وهو كأي شاب يافع في مقتبل العمر وعنفوان الشهوة.
بدأت كبيرتهن (نائلة) تبدي مفاتنها بغنج في الصوت، ودلع في الكلام، وإثارة له، وكانت (مريم) على مقربة منها.
لقد وُضع الشاب في موقف لا يحسد عليه، فأمامه جمال وإغراء، وفتاة حسناء، تقول هيت لك للصداقة!.
لقد دهش الشاب دهشا عظيما، فهؤلاء الفتياتُ الفاتنات يسعى خلفهن الشباب رجاء نظرة عطف تملئ قلبه بها، لا هن يسعين للشباب ويرتجين صحبته ...
زادت فتنتهن عليه وكبُرت، فما كان منه إلا أن نفر في وجوههن نفرة الغاضب لحرمة الله وقال :" إني أخاف الله ربّ العالمين"، وزجرهن زجرة أفزعتهن وأدخلت الرعب في قلوبهن، وقال:استحين من الله ودعْكن من فلتات الشيطان وأعوانه، وكان في حالة غضب شديدة، ولم يقف عند هذا القدر، بل هو داعية إلى الله، فأخرج لهن شريطا لأحد الدعاة، وأعطاهن إياه وقال اخرجن الآن ولا أراكن في هذا المكان .

يا الله يا مثبت القلوب والأبصار ثبت قلوبنا على دينك !! ، صلى عليك الله يا يوسف الصديق ، ويا يوسف الطهر والعفاف، لقد تركت لنا قدوة حسنة، ومثالا عاليا في الطهر فأصبح الشباب الصالحون يقتدون بك ويروك إماما لهم ومثلا، لم تمُت الأمة ولم يضعُف شبابها الصالح بل هم كالجبل الأشم أمام هذا الطوفان الهائل من الفتن .
لقد ملك الاستغراب هؤلاء الفتيات، فقد خرجن من عنده بشر حال، وسقطن من أعينهن، فكيف يُفعل بنا هذا مع ما نحن عليه من الجمال والدلال ؟
ما ذا يملك الشاب هذا حتى استطاع دفع هذه الفتنة عنه ؟
وإنني أجيب فأقول: إنه يملك خوف الله وحبه، حتى أصبحتن في عينه خردلة لا تعدِل تعظيمَ الله في قلبه وخوفه رجائه .. طوبى للمؤمن المحب الخائف !.
لقد وردت عليهن أسئلة كثيرة وصرن في حيرة عظيمة .. من نحن ؟ ولماذا فعَلْن به هذا ؟ ولماذا فعل هو بنا ذلك ؟
لما ذا نحن على هذه الحياة ؟ ما هدفنا وغايتنا فيها؟ ومِن أجل مَن نُغوي ونُفتن ؟
" كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين"
هل ننتظر يوم العرض على الله حتى يتبرأ منها هذا المرجوم يوم لا ينفع مال ولا بنون ؟ أم نخلعه من قلوبنا كما نخلع الحذاء البالي ونحن في فسحة من أمرنا ؟!!
إن الأثر الذي أورثه الموقف عليهن عظيم، فراجعت كبيرتهن (نائلة) نفسها وبدأت تحاسبها على لهوها وتقصيرها، وبدأت نفسُها اللوامة تعاتبها، واستيقظ الضمير الذي كان راقدا ، وقام داعي الخير ونادى : حي على الصلاة .. حي على الفلاح .
ومن هذه اللحظة بدأ الصلاح يدِب إلى قلوبهن .
لقد سمعن الشريط وطلبن المزيد واتصلن بشيخ كان يسكن في هذه المدينة يسمى: (بكرا) وكان معروفا بعلمه وفهمه لدى الناس.
والعجيب أن الشاب خالدا كان تلميذا عند هذا الشيخ .
أصبح هؤلاء النسوة يطلبن من الشيخ الأشرطة الوعظية ، وطلبن منه مرة جلابيب وخمارات ، فأوصى (بكر) (خالدا) – وهذا من العجب العجاب – أن يأتي بذلك ويوصلهن إليهن.
فقد تحدثت (نائلة) للشيخ عن هذا الشاب، وكيف فعل بهن، وإلى أي حال صرن عليه .
مضت عليهن فترة ليست بالطويلة وهن على خير حال، واستقامة في الدين .
لقد صلُح حال (نائلة) وحال الفتيات اللواتي معها فقد هدى الله على يديها كل من تحت يدها وكن أكثرَ من سبع فتيات، فأصبحن جماعة صالحة تدعو إلى الله وتحذر من غواية الغاوين والمبطلين.
سبحان مغير الأحول، ومبدل الأمور ومصرف المقادير، فقد صرْن من أنصار الدين ودعاته، بدل ما كن عليه من نصرة للبطال وزمرته .
لم يمض زمن حتى حفظت (نائلة)عشرين جزءا من كتاب الله وهن يخبرن الشيخ بحالهن ويسألنه الدعاء.
وكانت (مريم) وهي الفتاة الثانية فيهن قد أخذ منها الدين مأخذه وطبَّقت على نفسها شرع الله ونهجه وحفظت خمسة أجزاء من القرآن.
أما الشاب (خالد) فقد كان يبحث عن العفاف وينقّب عن فتاة صالحة قد جمعت بين الدين والدنيا، وقد فتش هنا وهناك ولمّا يجد.
اقترح (بكر) على (خالد) أن يتقدم إلى (مريم) ويطلب يدها، فهو أولى الناس بها،قد كان سببا في هدايتها وصلاحها ، بل هي أولى الناس به .
لم يتردد الشاب في ذلك لِـمَا يعرف عنهن في السابق وما آلت حالهن في اللاحق .
طرق الشاب الباب عليها فاستُقبل من أهلها، وجلس مع الفتاة وقد ملأت قلبه وعينه، وكذلك مريم، فلم تكن لترفض من كان سببا في سيرها على طريق الله فقد تركت الجامعة وتركت كل ما يذكرها بهذا الطريق الوعر والمسلك الخطير .
بل فرحت بتقدم هذا البطل وأحبت أن تعف نفسها أيضا.
فإذا جاء من يُرضى بدينه وخلقه فنعمّا هو، وإذا كانت المرأة عفيفة حيِيَّة فنعمّا هي.
انتظر الجميع قدوم والد الفتاة وكان على سفر.
فما إن وصل حتى جاءه الشاب ويغمره الفرح والسرور بما تمنّيه نفسه، وظن أن بؤس الوحدة قد انتهى، وأن خطر العزوبية قد ولى وانقضى، وحاله " رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين ".
كان خالد قد أخذت اللحية من وجهه، ولم يكن ليحلقها، بل كان يضع بين عينيه حديث النبي " اعفوا اللحى " وهديَه عليه الصلاة والسلام .. فخير الهدي هديك يا خليل الله . 
أبدى(خالد) رغبته في التقدم للفتاة وزواجه منها على سنة الله ورسوله ..
نظر والد الفتاة إلى (خالد) عندما تكلم بذلك نظرة اشمئزاز، وفتح عينيه عليه وقال له أول شيء: ألَا تحلق هذا الحذاء الَّذي على وجهك ؟
الله أكبر سنة رسول الله حذاء " أبِالله وءاياته ورسوله كنتم تستهزئون ".
لم يدرِ ما يقول هذا الشاب وحار جوابا وعجز لسانه عن الكلام، وحلّق ببصره، وقال في نفسه : أيَعقل هذا ما يقول ؟؟
على وجهي حذاء ؟
فتذكر النبي وأصحابه وكيف كانت لحية الواحد منهم تملئ صدره، فلم يشتمه وحده بل انتقص من أشياخ الأمة وأحبارها !
سالت دموع الشاب على لحيته وبكى بكاء شديدا وخرج من البيت كظيما وابْيضت عيناه من الأسى، وحزنت الفتاة أشد الحزن لهذا الاستقبال الفظ الغليظ .
وليت (خالدا) كتم غيظه وحبس نفسه ودعى له بالصلاح ..
إلا أنه توجه إلى السماء ورفع يده وبصره إلى مولاه علام الغيوب ودعا على هذا الرجل –وهو يبكي ويحترق-، ويقول : اللهم احرقه اللهم احرقه .

وتملّك الأسى قلب الفتاة وعينها .. وصارت في ضياع من أمرها
وقد سمع الله قول الذي يشتكي إليه فربك بالمرصاد وإن أخذه أليم شديد .
لم يمض قليل على هذا الرجل حتى أخذه ربك، وكيف ذلك ؟
أول العذاب أن بلاه الله فصار لسانه كثيرا يردد : شعر شعر
فعلم هو وعلم أهله أن هذا بسبب استهزائه وسخريته باللحية، ومرة جلس هذا الوالد على الفراش وقد أشعل سيجارته وبينما هو يدِّخن أخذه النعاس فأغمض عينيه إلى قدر الله، سقطت السيجارة على الفراش فأحرقت ما تحته وهو لا يدري، ثُم احترق ما حوله ولا يدري وما كادَ يفتح عينيه حتى أكلته النار من كل جانب،ومدّت ألسنتها إليه، وأحاطت به خطيئته من كل ناحية، صعد الدخان إلى السماء وظهر أثر الحريق فدخل أهله عليه فزعين فرأوه وهو يصارع الموت ويقول :
قولوا للشيخ يسامحني ويغفر لي خطيئتي معه ...
قولوا للشيخ يسامحني ويغفر لي خطيئتي معه ... !!!
وكأن ملك الموت مثّل له جرمه وذنبه بين يديه وقال: بهذا نأخذك يا من تستهزئ بلحيةٍ سنها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ! .
والعجب أن أهله عندما رأوه لم يستطيعوا دفع النار عنه ولو كان غيره لصُب الماء عليه وانتهى الأمر إلا أن ربك أذهلهم فوقفوا ينظرون إليه ولا يستطيعون فعل شيء ،، إنها والله آية . 
وأخذ الله وديعته وفاضت روحه، أسأل الله أن يغفر له ذنبه ويسامحه ..

كادت الفتاة أن تلحق والدها من الوجع على وفاة والدها وعلى سوء خاتمته ...
سألت الفتاة الشيخ (بكرا) وقالت له : يا شيخ هل دعا خالد على والدي؟ إلا أن الشيخ لم يجب بذلك، بل قال : إن خالدا سامح والدك ، ففرحت مريم من ذلك .
تزوج (خالد) بغيرها وأصبح رب أسرة .
أما (مريم) فقد التحفت بالحزن كثيرا وأضرّ موت والدها عليها، وهي مع ذلك صابرة لقضاء الله وقدره محافظة على دينها وعفافها .
لقد هجرت (مريم) والدها قبل الاحتراق، وتنكر أهله له ، وبعد موته كأن أحدا لم يمت، وذلك أنه أساء إلى مريم ، لقد أشعلت (مريم) بيتها إيمانا وصلاحا ونورا وتقى ، أصبحت تقوم الليل وتصوم النهار ، وصارت مثالا يحتذى به، وتأثر أهلُها بها فأصبحت في عينهم، بل صارت أعينهم التي يرون بها ...
وليت الأمر ينتهي إلى هذا الحد، بل لم يُترك كاتب السطور هذه ، فقد دخلتُ في ذيل هذه القصة من قريب أو بعيد ، ولله الأمر من قبل ومن بعد .
كان الشيخ (بكر) هو والدي وكنت في سفر فقدمت من سفر طويل راغبا في الزواج وأردت أن أخطب فتاة بعد قدومي بأسبوع فلا يمضي شهر أو شهران حتى أرجع مغتبطا مسرورا .
ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن .
كنت مزوِّرا في نفسي فتاة من أهل الدين والعفاف نعرف والدها وأهلها وهم على خير حال ، وقدمت على هذا الشأن .
تحدثتُ مع والدي عن الفتاة التي رشّحتها، وخضنا غمار هذا الحديث، وبينما الحديث يجر بعضُه بعضا ونتجاذب أطرافه حدثني عن (مريم) وعن قصتها وعن حالها وما آل إليه أمرها.
حزنت حزنا كبيرا عليها، ورأيت أن أولى الفتيات عندي هي (مريم)، فقد أعطاها الله الجمال والعفاف والدين وحسن الحديث مما يرغب به الشاب ، فحدثتُ والدي عنها وأبديت عزما أن يختارها لي ، حاول والدي أن يذكر لي غيرها ، وقال: هذه البنت لا نعرفها ولا نعرف أهلها ، إلا أن هذا لم يثن عزمي .
وسبق السيف العذل .
بعد أسبوع بعث والدي رسالة لها يخبرها بشأني فقد جعلتـْه لها بمثابة الوالد وقد جعل الشيخُ مريمَ كبنتٍ له ، يحوطها بعنايته، ويكلؤها برعايته.
تأخرت (مريم) في الرد على الرسالة إلا أنها أجابت بعدُ وسألَت عن الشاب من يكون ؟ وهل يمدحه خالد ؟ وهل تزكيه أنت يا شيخ؟
فأخبرها الشيخ انه ابنه وأنه يزكيه .
تأخَّرَت في الرد مرة أخرى وقالت :هذا يشرفني إلا أني سأستخير الله .
مضى يوم ويومان فأسبوع وأسبوعان حتى ضقت ذرعا من هذه الاستخارة ،
أرسل الشيخ رسالة أخرى وكان رمضان على باب الدخول .
تأخرت في ردها ، إلا أنها قالت : إني موافقة على ابنك إلا أن أهلي وإخواني يقولون لي : موضوع الزواج لو تأجل قليلا كان أفضل .
في هذه الأثناء كان الشيخ يرسل إلى (نائلة) يسألها عن حال (مريم) وسبب تأخرها في الرد ، وكانت هي أيضا تتأخر في الرد وتقول عن (مريم) :إنها بحال لا تحمد عليه "إلا أنها بخير" .
إن الحريق الذي توفي فيه والدها قد أصابهم بالضر، فاحترق البيت بأكمله بعد أن كان جميلا وفاخرا ، وتغيرت حالهم المالية، فقد كانوا في ثراء وعزة فأصبحوا في فقر وحاجة .
فسبحان مغير الأحول ومبدل الأمور .
وكانت (نائلة) قد أخبرت الشيخ (بكرا) أن موضوع احتراق البيت هو السبب في تأخرهم وأنهم يستحيون من أن يستقبلوا أحدا فيه .
أبديتُ رغبتي في دفع شيء من المهر كمساعدة إلا أن الشيخ (بكرا) قدم لهم مساعدة وكذلك خالد فتجمع لهم شيء ليس بالكثير وإنما يقضي بعض الأرب .
مضى الوقت وأنا أنتظر ذلك وأستخير الله في زواجي من مريم وأُمنِّي نفسي بها .
دخل رمضان ولم تكن لتخبر مريم الشيخ عن موضوع بيتها، إلا أنها في آخر رسالة لها صرّحت بهذا على استحياء، وقالت: إن بيتنا أصبح خربا ، فأخبرها والدي باستعجالي وأنّا لا نريد أن نخسركم ، إلا أنه لم يكن بوسعنا سوى الانتظار ....
انتصف رمضان فسافر والدي إلى بيت الله العتيق وقلت لعله عند رجوعه يتم الأمر إن شاء الله .
رجع والدي إلا انه قال لي : إن الفتاة لا تردّ أبدا على رسائله وأظن أن الأمر وصل إلى آخره ، والله يخلف عليك خيرا .
فثنيت نفسي ولم أثن قلبي عنها، وذهبت إلى تلك البنت الأولى التي زوّرتها في نفسي أولا وطلبت يدها من والدها ..
والعجيب: أن هذه الفتاة تأخر أهلها في الرد لظروف عندهم ومضى على هذا شهر كامل إلى أن جعلنا يوما معيّنًا يكون فيه انتهاء هذا الأمر.
وفي صباح هذا اليوم جاءني الوالد وقال لي :
هل تعرف ما سبب تأخر مريم في الرد ؟؟
تعجبت من هذا السؤال ؟ أرجعت (مريم) إلى الساحة من جديد ؟ هل سينتهي الانتظار والتمني ؟
قلت - وأنا انتظر الجواب الجميل الذي يريح القلب-: لا أعلمُ، فما السبب ؟؟ .
قال : إن (مريم) قد توفيت من شهر بسبب السرطان ، ولذلك لم يأتنا منها خبر ، ولا تجيب على رسائلنا ، وإنما اتصلت بي أختها وقالت : يا شيخ عظم الله أجرك وأحسن عزائك .
حينما أخبرني الوالد بذلك كنت في المسجد، فتمالكت دمعي حتى وصلت إلى غرفتي فأسكبت عبرتي وترحمت عليها، وأنا أعجب من قدر الله! وأقول : قدر الله وما شاء فعل ، وآجرني الله في مصيبتي وأخلفني خيرا .
وقد ظهر لنا بعدُ أنَّ سببَ تأخرها في الرد هو المرض ، فقد ظهر مرضها على شكل أورام في جسدها لم يعلم بها أحد سواها، وكانت ترجو أن يذهب عنها هذا البؤس فلم تخبر أهلها بذلك وقالت : إني لن أغش ابن الشيخ ، ولم تشأ أن تخبر أهلها فلم ترد أن تكلفهم مؤنة العلاج وهم على حرج وفي ضيق ، إلى أن شعرت بقرب الموت فكانت ترجو لقاء الله ! 
ففاضت روحها ، وعند غسلها رأى أهلها أثر الأورام فبحثوا في الأمر وإذا هو السرطان عافانا الله وإياكم ورحمها رحمة واسعة .
وأقول : الحمد لله أنّي ما رأيتها قط ولا سمعتُ صوتها ، فماذا سيحصل لي لو أن القلب تعلّق بها ثم فقدت ذلك ، لا شك أني لن أكون بخير ، ولكن الحمد لله أولا و آخرًا ورحم الله ميتتنا وأعظم أجر أهلها عليها .
وحمدت الله ثانيا أن ختم لها بالخير فقد ماتت على استقامة وصلاح، فكيف بالله عليك لو أخذها الموت وهي على سابق حالها ؟
"وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين "
أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يغفر لها ذنبها ويوسع لها في القبر وأن ينزلها عنده إنه جواد كريم .
وتأمل معي أخي كيف ختم الله لوالدها .. فحذارِ أن تجترأ على الله وعلى دينه وأهل ملته ، لأنهم صفوة الصفوة وخلاصة المصطفين الأخيار ، فقد هلك شر هلكة والعياذ بالله.

وما أرجوه أن نستفيد الدروس والعبر من هذه القصة الطويلة، وأن يحدونا الأمل إلى الفأل الحَسَن وإلى الخير وإلى التمسك بنهج الله، فما أقرب القبر منا وما أقرب الموت منا بل هو أقرب من حبل الوريد!.
يا شباب الأمة ويا فتياتها ! اتقوا الله في أنفسكم وراقبوه فلا يأتيكم الموت وأنتم غافلون .
والحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.
Ler Mais

لتربح المال اضغط هنا واشترك فى الموقع مجانا

تابعنا على الفيس بوك

المتابعون